الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
لم يصرح في هذا الحديث في أي مكان هذه الأخلاق ولم يصرح بأن الآتي بشيء من هذه الأخلاق شرطه الإسلام وقد بين ذلك في حديث آخر روى الطبراني عنه في الأوسط مرفوعاً "إن للّه عز وجل لوحاً من زبرجدة خضراء تحت العرش كتب فيه أنا اللّه لا إله إلا أنا أرحم الراحمين خلقت بضعة عشر وثلاث مئة خلق من جاء بخلق منها مع شهادة أن لا إله إلا اللّه دخل الجنة" وإسناده حسن ولا منافاة بين قوله في الحديث المشروح مئة وقوله في الحديث ثلثمئة لأنا إن قلنا أن مفهوم العدد ليس بحجة فالقليل لا ينفي الكثير وإلا فيمكن أن يقال إن منها مئة وسبعة عشر أصول والباقي متشعبة عنها داخلة تحتها فأخبر مرة بالأصول وأخرى بها وما تفرع عنها.
- (الحكيم) الترمذي (ع هب) من حديث عيد الواحد بن زيد عن عبد اللّه بن راشد مولى عثمان (عن عثمان) ابن عفان ثم قال أعني البيهقي هكذا رواه عبد الواحد بن زيد البصري الزاهد وليس بقوي في الحديث وقد خولف في إسناده ومتنه اهـ ولما عزاه الهيثمي إلى أبي يعلى قال فيه عبد اللّه بن راشد ضعيف اهـ وقال في اللسان قال ابن عبد البر عبد الواحد بن زيد الزاهد أجمعوا على تركه وقال ابن حبان يقلب الأخبار من سوء حفظه وكثرة وهمه [ص 483] فاستحق الترك اهـ وعبد اللّه بن راشد ضعفوه وبه أعل الهيثمي الخبر كما تقرر لكنه عصب الجناية برأسه وحده فلم يصب.
2365 - (إن للّه تعالى ملكاً أعطاه سمع العباد) أي قوة يقتدر بها على سماع ما ينطق به كل مخلوق من إنس وجن وغيرهما (فليس من أحد يصلي علي) صلاة (إلا) سمعها و (أبلغنيها وإني سألت ربي أن لا يصلي علي عبد) أي إنسان (صلاة) واحدة (وإلا صلى عليه عشر أمثالها) هذه إحدى الروايتين للطبراني عن عمار وفي رواية ثانية له عنه إن للّه ملكاً أعطاه أسماع الخلائق كلها وهو قائم على قبري إذا مت إلى يوم القيامة فليس أحد من أمتي يصلي علي صلاة إلا سماه باسمه واسم أبيه وقال يا محمد صلى عليك فلان فيصلي الرب تعالى وتبارك عليه بكل واحدة عشرة.
- (طب عن عمار بن ياسر) قال الهيثمي: فيه نعيم بن ضمضم ضعيف وابن الحميري لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح.
2366 - (إن للّه عز وجل تسعة وتسعين اسماً) الاسم كلمة وضعت بإزاء مسمى متى أطلقت فهم منها ذلك المسمى (مئة غير واحدة) قال الرافعي في أماليه: قاله دفعاً لتوهم أنه للتقريب ودفعاً للاشتباه وقال البيضاوي: فائدة التأكيد المبالغة في المنع عن الزيادة بالقياس أو لئلا يلتبس تسعة وتسعين بسبعة وتسعين أو سبعة وسبعين أو تسعة وسبعين من زلة الكاتب وهفوة القلم فينشأ الاختلاف في المسموع من المسطور وتأنيث واحدة لإرادة الكلمة أو الصفة أو التسمية وهذا العدد لا يدل على الحصر هنا فقد ثبت في الكتاب: الرب، المولى، النصير، المحيط، الكافي، العلام وغير ذلك وفي السنة: الحنان المنان الجميل وغيرها وخصها بالذكر لكونها أشهر لفظاً وأظهر معنى وهذا ذكره القاضي وسيجيء عن الطيبي ما يردّه (إنه وتر) أي فرد (يحب الوتر) أي يثيب عليه ويرضاه ويقبله (وما من عبد) أي إنسان (يدعو) اللّه بها أي بهذه الأسماء (إلا وجبت له الجنة) أي دخولها مع السابقين أو بغير سبق عذاب بشرط صدق النية وخلوص الطوية (تتنبيه) قال ابن عربي: كل حكم يثبت في باب العلم الإلهي للذات إنما هو للألوهية وهي أحكام ونسب وإضافات وسلوب فالكثرة في النسب لا في العدد وهنا زل قدم من شرك بين من يقبل التشريك ومن لا يقبله عند كلامهم في الصفات واعتمدوا فيه على الأمور الجامعة التي هي الدليل والحقيقة والعلة والشرط وحكموا بها غائباً وشاهداً فأما شاهداً فقد يسلم وأما غائباً فلا.
- (حل عن علي) أمير المؤمنين رضي اللّه عنه.
2367 - (إن للّه عز وجل تسعة وتسعين اسماً) بتقديم التاء على السين فيهما (من أحصاها) أي من قرأها كلمة كلمة على منهج الترتيل كأنه يعدها أو من عدها وتدبر معانيها واطلع على حقائقها أو من أطاقها أي أطاق القيام بحقها والعمل بمقتضاها بأن تأمل معانيها واستعمل نفسه فيما يناسبها فالمعنى الأول عام والثاني خاص والثالث أخص ولذا قبل الأول للعوام والثاني للعلماء والثالث للأولياء (دخل الجنة) يعني من أتى عليها حصراً وتعداداً وعلماً وإيماناً فدعا اللّه بها وذكره وأثنى عليه استحق بذلك دخول الجنة قال القاضي وأسماء اللّه ما يصح أن يطلق عليه سبحانه بالنظر إلى ذاته واعتبار صفة من صفاته السلبية كالقدوس والأول، أو الحقيقة كالعليم والقادر، أو الإضافية كالحميد والملك، أو باعتبار فعل من أفعاله كالخالق والرازق (هو اللّه) علم دال على الإله الحق دلالة جامعة لجميع معاني الأسماء الآنية بعده قيل أصله لاها بالسريانية فعرب وقيل عربي وضع لذاته وصف في أصله لكنه غلب عليه فلم يستعمل في غيره ولا في الكفر
[ص 484] كما مرّ تفصيله (الذي لا إله إلا هو) صفته (الرحمن الرحيم) اسمان بنيا من الرحمة وهي لغة رقة تقتضي الإنعام على من رقّ له فرحمة اللّه إما إرادة الإنعام ودفع الضر وإما نفس الإنعام والدفع والرحمن أبلغ لزيادة بنائه كما سلف فراجعه وحظ العارف من هذين الاسمين أن يتوجه بشراشره إلى جناب قدسه فيتوكل عليه ويلتجئ فيما يعن له إليه ويشغل سره بذكره استبداداً به عن غيره ويرحم عباد اللّه فيعاون المظلوم ويدفع الظالم عن ظلمه بالتي هي أحسن وينبه الغافل وينظر إلى العاصي بعين الرحمة لا الإزدراء (الملك) ذو الملك والمراد به القدرة على الإيجاد والإختراع من قولهم فلان يملك الانتفاع بكذا إذا تمكن منه أو المتصرف في الأشياء بالخلق والإبداع والإماتة والإحياء (القدوس) المنزه عن سمات التقص وموجبات الحدوث فعول من القدس وهو الطهارة، قال بعضهم: حقيقة القدس الإعتلاء عن قبول التغير، ومنه الأرض المقدسة لأنها لا تتغير بملك الكافر كما يتغير غيرها من الأراضي والقدوس هو الذي لا يجوز عليه نقص في ذات ولا وصف ولا فعل ولا اسم وبذلك يتصف الملك على الإطلاق وإنما أتبع هذا الاسم اسم الملك لما يعرض للملوك من تغير أحوالهم بنحو جور وظلم وغيرهما فأبان أن ملكه ملك لا يعرض له تغير أصلاً (السلام) المسلم عباده من المهالك أو المسلم عليهم في الجنة أو ذو السلامة من كل آفة ونقص وهو مصدر نعت به وقيل مالك تسليم العباد من المخاوف والمهالك وقيل ذو السلام على المؤمنين في الجنان بدليل
[ص 485] (الغفار) من الغفر وهو ستر الشيء بما يصونه ومعناه ستار القبائح والذنوب بإسبال الستر عليها في الدنيا وترك المؤاخذة بها والعفو عنها في العقبى وقال الحرالي: من الغفر وهو ستر ما يقتضي العلم غيبة وترك العقاب يلحقه من معنى العفو (القهار) الذي لا موجود إلا وهو مقهور تحت قدرته ومسخر بقضائه وقوته أو الذي أذل الجبابرة وقصم ظهورهم بالإهلاك (الوهاب) كثير النعم دائم العطاء (الرزاق) خالق الأرزاق والأسباب التي يتمتع بها والرزق وهو المنتفع به وكل شيء ينتفع به فهو رزق هبة مباحاً أو حراماً (الفتاح) الحاكم بين الخلائق من الفتح بمعنى الحكم أو مبدئ الفتح قال في الكشاف: والفتاح الحاكم لأنه يفتح المستغلق وقيل هو الذي يفتح خزائن الرحمة على أصناف البرية وقيل مبدع الفتح والنصر (العليم) لكل معلوم أو البالغ في العلم فعلمه تعالى شامل لجميع المعلومات محيط بها سابق على وجودها (القابض) الذي يضيق الرزق على من أراد (الباسط) الذي يوسعه لمن يشاء وقيل الذي يقبض الأرواح عن الأشباح عند الممات وينشر الأرواح في الأجساد عند الحياة (الخافض) الذي يخفض الكفار بالخزي والصغار (الرافع) الذي يرفع المؤمنين بالنصر والإعزاز فيخفض أعداءه بالإذلال والإبعاد ويرفع أولياءه بالتقريب والإسعاد (المعز) الذي يجعل من يشاء مرغوباً فيه والإعزاز الحقيقي تخليص المرء عن ذل الحاجة واتباع الشهوة وجعله غالباً على أمره قاهراً على نفسه (المذل) الذي يجعل من يشاء مرغوباً عنه والإذلال ضد الإعزاز الحقيقي (السميع) مدرك كل مسموع (البصير) مدرك جميع المبصرات وهما في حقه صفتان تنكشف بهما المسموعات والمبصرات انكشافاً تاماً (الحكم) الحاكم الذي لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ومرجع الحكم إما إلى القول الفاصل بين الحق والباطل وإما إلى المميز بين الشقي والسعيد بالعقاب والثواب وقيل أصله المنع وسمي العلم حكماً لأنها تمنع صاحبها عن شيم الجهال (العدل) العادل البالغ في العدل وهو الذي لا يفعل إلا ما له فعله (اللطيف) أي الملطف كالجميل بمعنى المجمل أو العليم بخفيات الأمور ودقائقها وما لطف منها أو المحسن الموصل للمنافع برفق وقال الحرالي: اللطيف من اللطف وهو إخفاء الأمور في صور أضدادها من نحو ما أخفى ليوسف عليه الصلاة والسلام أناله الملك في إلباس ثوب الرق حتى قال
[ص 486] (المقيت) خالق الأقوات البدنية والروحانية وموصلها إلى الأشباح والأرواح أو المقتدر أو الحافظ للشيء أو المشاهد له (الحسيب) الكافي في الأمور من أحسبني إذا كفاني فعيل بمعنى مفعل كالأثيم أو المحاسب يحاسب الخلائق يوم القيامة فعيل بمعنى فاعل وقيل الشريف والحسب الشرف (الجليل) المنعوت بنعوت الجلال وهو من الصفات التنزيهية كالقدوس قاله الإمام الرازي والفرق بينه وبين الكبير والعظيم أن الكبير الكامل في الذات والجليل الكامل في الصفات والعظيم الكامل فيهما (الكريم) المتفضل الذي يعطي من غير مسألة ولا وسيلة أو المتجاوز الذي لا يستقصي في العقاب أو المقدس من النقائص والعيوب (الرقيب) الذي يراقب الأشياء ويلاحظها فلا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء (المجيب) للداعي إذا دعاه (الواسع) الغني الذي وسع غناه مفاقر عباده ووسع رزقه كافة خلقه أو المحيط علمه بكل شيء (الحكيم) ذو الحكمة وهي عبارة عن كمال العلم وإحسان العمل والإتقان فيه وقد يستعمل بمعنى العليم والمحكم أو هو مبالغة الحاكم (الودود) مبالغة الود ومعناه الذي يحب الخير لجميع الخلائق ويحسن إليهم في جميع الأحوال والمحب لأوليائه (المجيد) مبالغة الماجد من المجد وهو سعة الكرم (الباعث) لمن في القبور للنشور أو باعث الأرزاق لعباده والأولى تفسيره بالأعم (الشهيد) من الشهود وهو الحضور ومعناه العليم بظواهر الأشياء وما تمكن مشاهدته كما أن الخبير العالم ببواطنها وما يتعذر الإحساس به أو مبالغة الشاهد والمعنى يشهد على الخلق يوم القيامة (الحق) الثابت وفي مقابلته الباطل الذي هو المعدوم أو المحق أي المظهر للحق (الوكيل) القائم بأمور العباد وقال الحرالي: من الوكالة وهي تولي الترتيب والتدبير إقامة وكفاية أو تلقياً وترفهاً فهو سبحانه الوكيل على كل شيء بحكم إقامته له (القوي) الذي لا يلحقه ضعف في ذاته ولا صفاته ولا أفعاله فلا يمسه نصب ولا لعب ولا يدركه قصور ولا تعب والقوة تطلق على معان مترتبة أقصاها القدرة التامة البالغة إلى الكمال واللّه سبحانه وتعالى قوي بهذا المعنى أو الذي لا يستولي عليه العجز بحال وقال الحرالي: المقوي من القوي وهي وسط ما بين الحول وظاهر القدرة لأن أول ما يوجد في الباطن من منة العمل ويسمى حولاً ثم يحس به في الأعضاء مثلاً يسمى قوة وظهور العمل بصورة البطش والتنازل يسمى قدرة ولذلك كان في كلمة لا حول ولا قوة إلا باللّه رجع بالأمور والأعمال الظاهرة إلى مسند أمر اللّه انتهى وأبان بهذا أن القوة أمر زائد على القدرة ومثله في الخلائق ليقرب فهمه وإلا فتعالى ربنا عن الاتصاف بصفات الأجسام من الأعضاء والإحساس والظاهر والباطن في وصفه (المتين) الذي له كمال القوة بحيث لا يعارض ولا يشارك ولا يدانى ولا يقبل الضعف في قوته ولا يمانع في أمره بل هو الغالب الذي لا يغالب ولا يغلب ولا يحتاج في قوته لمادة ولا سبب (الولي) المحب الناصر أو متولي أمر الخلائق (الحميد) المحمود المستحق للثناء وقال الحرالي: من الحمد وهو ثبوت مقتضيات الثناء المستغرق الذي لا يشذ عنه وصف ولا يعقبه تطرق بذم (المحصي) العالم الذي يحصي المعلومات ويحيط بها إحاطة العاد بما يعده وقيل هو القادر قال الحرالي: من الإحصاء وهو الإحاطة بحساب الأشياء وما شأنه التعداد (المبدىء) المظهر من العدم إلى الوجود (المعيد) الذي يعيد المعدوم وقال الحرالي: الوارد في الكتاب من مضمون هذين الاسمين صيغة الفعل في قوله
[ص 487] للمبالغة (الواجد) الذي يجد كل ما يريده ويطلبه ولا يفوته شيء أو الغنى مأخوذ من الوجد (الماجد) يعني المجيد إلا أن في المجيد مبالغة ليست في الماجد (الواحد) المتعال عن التجزىء فإن الوحدة تطلق ويراد بها عدم التجزئة والانقسام ويكره إطلاق الواحد بهذا المعنى واللّه تعالى من حيث تعاليه عن أن يكون له مثل فيطرق ذاته التعدد والاشتراك أحد ومن حيث أنه منزه عن التركيب والمقادير لا يقبل التجزئة والانقسام واحد وقال الأزهري: الفرق بين الواحد والأحد أن الأحد بني لنفي ما يذكر معه من العدد تقول ما جاءني أحد والواحد اسم بني لمفتتح العدد تقول جاءني واحد من الناس ولا تقول جاءني أحد فالواحد منفرد بالذات في عدم المثل والنظير والأحد منفرد بالمعنى (الصمد) السيد سمي به لأنه يصمد إليه في الحوائج ويقصد في الرغائب وقال الحرالي: الصمد اسم مطلق وهو الملجأ الذي لا يمكن الخروج عنه لإحاطة أمره فهو راجع إلى اسم اللّه ومن عرف أنه الصمد لم يصمد لغيره وكان غنياً به في كل أحواله وقال الزجاج: الصمد السيد الذي انتهى إليه السؤدد فلا سيد فوقه (القادر) المتمكن من الفعل بلا معالجة ولا واسطة وقال الحرالي: من القدرة وهي ظهور الأشياء في العيان والشهادة (المقتدر) من الاقتدار وهو الاستيلاء على كل من أعطاه حظاً من قدرته ذكره الحرالي وقال القاضي: معناهما ذو القدرة إلا أن المقتدر أبلغ لما في البناء من معنى التكلف والاكتساب فإن ذلك وإن امتنع في حقه تعالى حقيقة لكنه يفيد المعنى مبالغة (المقدم المؤخر) هو الذي يقدم بعض الأشياء على بعض إما بالذات كتقديم البسائط في المركبات أو الوجود كتقديم الأسباب على المسببات أو بالشرف كتقديم الأنبياء والصلحاء على من عداهم وإما بغير ذلك وقال الحرالي: هما من التقديم والتأخير وهو إحكام ترتيب الأشياء بعضها على بعض فلذلك نزلا منزلة اسم واحد (الأول والآخر) قال الحرالي: هما اسما إحاطة بتقديم الأول على كل أول وإحاطة الآخر بكل آخر فيه البدء أو إليه الانتهاء فليس قبله شيء ولا بعده شيء بل هو مبدأ الوجود ومنتهاه منه أبداً وإليه يعود (الظاهر الباطن) أي الظاهر وجوده بآياته ودلائله المثبتة في أرضه وسمائه إذ ما من ذرة في السماوات ولا في الأرض إلا وهي شاهدة باحتياجها إلى مدبر دبرها ومقدر قدرها والباطن بذاته المحتجب عن نظر العقل بحجب كبريائه (الوالي) الذي تولى الأمور وملك الجمهور (المتعالي) البالغ في العلاء المرتفع عن النقائص (البر) المحسن الذي يوصل الخيرات لمن كتبها له بلطف وإحسان وقال الحرالي: البر اسم مطلق لكونه على بناء فعل وليس من أبنية الاشتقاق والجاري على الاشتقاق منه بار ولم يحفظ من أسماء اللّه تعالى وهو تمام الاكتفاء بما به التربية من مقتضى اسم الرب (التواب) الذي يرجع بالإنعام على كل مذنب حل عقد أصره ورجع إلى التزام الطاعة بقبول توبته من التوب وهو الرجوع أو الذي يوفق المذنبين للتوبة فسمي المسبب للشيء باسم المباشر له (المنتقم) المعاقب للعصاة على ذنوبهم افتعال من نقم الشيء إذا كرهه غاية الكراهة قال ابن العربي: الألوهية تقتضي أن يكون في العالم بلاء وعافية فليس إزالة المنتقم من الموجود أولى من إزالة الغافر والعفو والمنعم ولو بقي من الأسماء ما لا حكم له لكان معطلاً والتعطيل في الألوهية محال فعدم أثر الأسماء محال (العفو) الذي يمحو السيئات ويتجاوز عن المعاصي وهو أبلغ في الغفور لأن الغفران ينبىء عن الستر والعفو ينبئ عن المحو وأصل العفو القصد لتناول الشيء سمي به المحو لأنه قصد لإزالة المحو (الرؤوف) ذو الرأفة وهي شدة الرحمة وهو أبلغ من الرحيم بمرتبة ومن الراحم بمرتبتين (مالك الملك) الذي ينفذ مشيئته في ملكه تجري الأمور فيه على ما يشاء أو هو الذي له التصرف المطلق في علو ملكه ومالك بلا حجر ولا تردد ولا استثناء ولا توقف (ذو الجلال والإكرام) الذي لا شرف ولا كمال إلا وهو له ولا كرامة ولا مكرمة إلا وهي منه (المقسط) الذي ينتصف للمظلومين ويدرأ بأس الظلمة عن المستضعفين يقال
[ص 488] قسط إذا جار وإذا عدل أو أزال الجور وقال الحرالي: من القسط وهو القيام بأتم الوزن وأعدل التكافىء (الجامع) المؤلف بين أشتات الحقائق المختلفة والمتضادة متزاوجة وممتزجة في الأنفس والأفاق أو الجامع لأوصاف الحمد والثناء (الغني) المستغني عن كل شيء (المغني) معطي كل شيء ما يحتاجه (المعطي) من شاء ما شاء لا مانع لما أعطى (المانع) الدافع لأسباب الهلاك والنقصان في الأبدان والأديان أو من المنعة أي يحوط أولياءه وينصرهم أو من المنع أي يمنع من يستحق المنع (الضار النافع) الذي يصدر عنه النفع والضر إما بواسط أو بغيره (النور) الظاهر بنفسه المظهر لغيره (الهادي)
- (ت) في الدعوات (حب ك هب) كلهم (عن أبي هريرة) قال التنائي غريب لا نعلم ذكر الأسماء إلا في هذا الخبر وذكره آدم ابن أبي إياس بسند آخر ولا يصح انتهى قال النووي في الأذكار إنه أي حديث الترمذي هذا حديث حسن وقدم المصنف هذه الرواية على ما بعدها لأنها أرجح الثلاثة وعليها شرح الأكثر.
2368 - (إن للّه تسعة وتسعين اسماً) بتقديم التاء على السين فيهما قال بعضهم: مفهوم الاسم قد يكون نفس الذات والحقيقة وقد يؤخذ باعتبار الأجزاء وقد يكون مأخوذاً باعتبار الصفات والأفعال والسلوب والإضافات ولا خفاء في تكثير أسماء اللّه تعالى بهذا الاعتبار وامتناع ما يكون باعتبار الجزء لتنزهه سبحانه عن التركيب (من أحصاها كلها) علماً وايماناً أو عداً لها حتى يستوفيها فلا يقتصر على بعضها بل يثني على اللّه تعالى ويدعوه بكلها أو في رواية لابن مردويه بدل من أحصاها من دعا بها (دخل الجنة) مع السابقين الأولين أو بغير عذاب (أسأل اللّه) أي أطلب من الذات الواجب الوجود لذاته قال ثعلب: مفرد فيه توحيد مجرد وخاصيته زيادة اليقين بتيسير المقاصد المحمودة في الذات والصفات والأفعال فقد قالوا من دوامه كل يوم ألف مرة بصيغة يا أللّه يا هو رزقه اللّه كمال اليقين وفي الأربعين الادريسية يا أللّه المحمود في كل فعاله قال السهروردي: من تلاه يوم الجمعة قبل الصلاة على طهارة ونظافة خالياً سراً مائتي مرة يسر اللّه له مطلوبه وإن كان ما كان وإن تلاه مريض أعجز الأطباء علاجه برىء ما لم يكن حضر أجله (الرحمن) فعلان من الرحمة التي هي ظهور أمره تعالى في الخلق بنوع من الرفق وخاصيته على وفق معناه صرف المكروه عن ذاكره وحامله ويذكر مئة مرة بعد كل صلاة في جمعية وخلوة فيخرج الغفلة والنسيان وفي الأربعين الادريسية يا رحمن كل شيء وراحمه قال يكتب بزعفران ممسك ويدفن في بيت من أخلاقه شرسة ضيقة تتبدل طباعه ويظهر فيه الحياء والرحمة والعطف والمسكنة (الرحيم) فعيل من الرحمة قيل وهو أبلغ مما قبله في الصيغة لأن مقتضاه الإمداد وهو بعد الإيجاد فله متعلقان في الأثر ووجهان في المعنى ولما كانت صورة الامداد يظهر أثرها من الخلق جاز إطلاق هذا الاسم عليهم على وجه يليق بهم واختص بالمؤمنين
(1)
[ص 490] العالم والعالم من قام به العلم وهو صفة معنوية متعلقة بالمعلومات واجبة وجائزة ومستحيلة وخاصيته تحصيل العلم والمعرفة فمن لازمه عرف اللّه حق معرفته على الوجه اللائق به (السميع) الذي انكشف كل موجود لصفة سمعه فكان مدركاً لكل مسموع من كلام وغيره وخاصيته إجابة الدعاء فمن قرأه يوم الخميس بعد صلاة الضحى خمس مئة مرة كان مجاب الدعاء (البصير) المدرك لكل موجود برؤيته وخاصية وجود التوفيق فمن قرأه قبل صلاة الجمعة مئة مرة فتح اللّه عين بصيرته ووفقه لصالح القول والعمل (الحيّ) الموصوف بالحياة التي لا يجوز عليها فناء ولا موت ولا يعتريها قصور ولا عجز ولا تأخذه سنة ولا نوم وخاصيته ثبوت الحياة في كل شيء (القيوم) القائم بنفسه الذي لا يفتقر إلى غيره قال الحرالي: من القيام مؤكداً بصيغة المبالغة فيعول إنباء عن القيام بالأمور أولها وآخرها باطنها وظاهرها وخاصيته حصول القيام والقيومية ذاتاً ووصفاً قولاً وفعلاً فمن ذكره مجرداً ذهب عنه النوم (الواسع) الذي وسع علمه ورحمته كل شيء وقال الحرالي: من السعة وهي إحاطة الأمر بكل ما شأنه الإحاطة من معنى القدرة والعلم والرحمة وسع كل شيء رحمة وعلماً وخاصيته حصول السعة والجاه وسعة الصدر والقناعة والسلامة من نحو حرص وغل وحقد وحسد لذاكره الملازم (اللطيف) بمعنى الخفي عن الإدراك أو العالم بالخفيات وخاصيته دفع الآلام فمن ذكره عدده الواقع عليه وهو يشاهد الجلالة أثر في المقام ومن ذكره كل يوم مئة مرة أو مئة وثلاثين أو ثمانين مرة وسع عليه ما ضاق وكان ملطوفاً به (الخبير) العليم بدقائق الأمور التي لا يصل إليها غيره إلا بالاختيار أو الاحتيال وقال الحرالي: هو من الخبرة أي إظهار ما خفي في الأشياء إظهار وفاء وخاصيته حصول الإخبار بكل شيء فمن ذكره سبعة أيام أتته الروحانية بكل خير يريده من أخبار السنة والملوك وأخبار القلوب ومن كان في يد إنسان يؤذيه فليكثر قراءته (الحنان) بالتشديد الرحيم بعباده من قولهم فلان يتحنن على فلان أي يترحم ويتعطف عليه (المنان) الذي يشرف عباده بالامتنان بماله من عظيم الإنعام والإحسان (البديع) المبدع أو الذي لا مثل له وخاصيته قضاء الحوائج ودفع الجوائح فمن قرأه سبعين ألف مرة كان له ذلك (الودود) كثير الودّ لعباده والتودّد لهم بوار النعم وصرف النقم وإيصال الخيرات ودفع المضرات وخاصيته ثبوت الودّ سيما بين الزوجين فمن قرأه ألف مرة على طعام وأكله مع زوجته غلبتها محبته ولم يمكنها سوى طاعته (الغفور) هو من معنى الغفار إلا أن الغفار يقتضي العموم في الأزمان والأفراد والغفور يقتضي المبالغة في كثرة ما يغفر وخاصيته دفع الألم حتى أنه ليكتب للمحموم ثلاث مرات فيبرأ وإن كتب سيد الاستغفار وجرع لمن صعب عليه الموت انطلق لسانه وسهل عليه الموت ذكره البلالي وجرب (الشكور) المجازي بالخير الكثير على العمل اليسير وقال الحرالي: من الشكر وهو إظهار مستبطن الخير فعلاً أو قولاً وخاصيته التوسعة ووجود العافية في البدن وغيره بحيث لو كتبه من به ضيق نفسي أو تعب في البدن وثقل في الجسم وتمسح به وشرب منه برىء (المجيد) ذو الشرف الكامل والملك الواسع الذي لا غاية له ولا يمكن الزيادة عليه ولا الوصول لشيء منه وخاصيته تحصيل الجلالة والمجد والطهارة ظاهراً وباطناً حتى في عالم الأبدان والصور فقد قالوا إذا صام الأبرص أيام المرض وقرأه كل يوم عند الفطر كثيراً برىء بسبب أو بلا سبب، وقيل إن البرص إذا جاوز خمسين سنة لا يبرأ لسريانه في كلية التركيب فلا يزول إلا بتحول الذات وذلك متوقف على الموت (المبدىء) مظهر الكائنات من العدم الغيبي إلى الوجود العيني وخاصيته يقرأ على بطن الحامل سحراً تسعاً وعشرين مرة يثبت ما في بطنها ولا ينزلق (المعيد) مرجع الأكوان بعد العدم وخاصيته أن يذكر مراراً لتذكار المحفوظ إذا نسي سيما إذا أضيف له الأوَّل (النور) مظهر الأعيان من العدم إلى الوجود قال الحرالي:
[ص 491] هو مظهر المظاهر المبين لذات كل شيء وفرقانه على أتم ما شأنه أن يبين ويظهر وخاصيته تنوير القلب لذاكره وجوارحه (البارىء) من يخرج الأشياء من العدم إلى الوجود (الأول) الذي لا مفتتح لوجوده (الآخر) الذي لا مختتم له لثبوت قدمه واستحالة عدمه فكل شيء منه بدأ وإليه يعود وخاصية الآخر الأول جمع الشمل فإذا واظبه مسافر كل يوم جمعة ألفاً انجمع شمله وخاصيته صفاء الباطن عما سواه تعالى فإذا واظبه كل يوم مئة خرج من قلبه ما سواه تعالى (الظاهر الباطن) الواضح الربوبية بالدلائل المحتجب عن التكيف والأوهام فهو الظاهر من جهة التعريف الباطن من جهة التكيف قال في الحكم: أظهر كل شيء لأنه الباطن وطوى وجود كل شيء لأنه الظاهر وخاصية الأول إظهار نور الولاية على قلب قارئه وقالبه، والثاني وجود الأنس لمن قرأه كل يوم ثلاث مرات في كل مرة ساعة زمانية (العفو) الذي يترك المؤاخذة بالذنب حتى لا يبقى له أثر فيعفو أثره أي يندرس ويذهب ويؤخذ من قولهم عفا الأثر إذا ذهب وخاصيته أن من أكثر ذكره فتح له باب الرضى (الغفار) الكثير المغفرة لعباده والمغفرة الستر على الذنوب وعدم المؤاخذة وخاصيته وحود المغفرة فمن ذكره أثر صلاة الجمعة مئة مرة ظهرت له آثار المغفرة (الوهاب) من الهبة وهي العطية بلا سبب سابق ولا استحقاق ولا مقابلة ولا جزاء وفي صيغته من المبالغة ما لا يخفى وخاصيته حصول الغنى والفبول والهيبة والإجلال لذاكره ومن داومه في سجود صلاة الضحى فله ذلك ويذكر مركباً مع اسمه الكريم ذي الطول الوهاب للبركة في المال والجاه (الفرد) الذي لا شفع له من صاحبة أو ولد لعدم مجانسته غيره وخاصيته ظهور عالم القدرة وآثارها حتى لو ذكره ألفاً في خلوة وطهارة ظهرت له من ذلك عجاب وغرائب بحسب قوته وضعفه (الأحد) الذي انقسامه مستحيل قال الأفلشي: الفرق بينه وبين الواحد أن الواحد هو الذي ليس بمنقسم ولا متحيز فهو اسم لعين الذات فيه سلب الكثرة عن ذاته والأحد وصفاً لذاته فيه سلب النظير والشريك عنه فافترقا وقال السهيلي: أحد أبلغ وأعم ألا ترى أن ما في الدار أحداً وأبلغ من ما فيها واحد وقال بعضهم: قد يقال إنه الواحد في ذاته وصفاته وأفعاله والأحد في وحدانيته إذ لا يقبل التغير ولا التشبه بحال (الصمد) الذي يصمد إليه في الحوائج أي يقصد فيها وخاصيته حصول النجاح والصلاح فمن قرأه عند السحر مئة وخمسة وعشرين مرة كل يوم ظهر عليه آثار الصدق والصديقية (الوكيل) المتكفل بمصالح عباده الكافي لهم في كل أمر. وقال الحرالي: من الوكالة وهي تولي الترتيب والتدبير إقامة وكفاية أو تلقياً وترفيها وخاصيته نفي الحوائج والصائد فمن خاف ريحاً أو صاعقة فليكثر منه فإنه يصرف عنه ويفتح أبواب الخير والرزق (الكافي) عبده بإزالة كل جائحة وحده (الحسيب) من الحسب بالتحريك السؤدد والشرف الكامل أو من الحسب الذي هو الإكتفاء أي المعطي لعباده كفايتهم من قولهم حسبي أي يكفيني أو من الحساب أي المحاسب لعباده على أعمالهم وخاصيته وقوع الأمن بين ذوي الأنساب والقرابات فيقرأه من يخاف عليه من قريبه كل يوم قبل الطلوع وبعد الغروب سبعاً وسبعين مرة فإن اللّه يؤمنه قبل الأسبوع ويكون الإبتداء يوم الخميس (الباقي) الذي لا يجوز عليه العدم ولا الفناء وخاصيته أن من ذكره ألف مرة تخلص من ضده وهمه وغمه (الحميد) الموصوف بالصفات العلية التي لا يصح معها الحمد لغيره ولا يثنى عليه حقيقة سواه وخاصيته إكتساب المحامد في الأخلاق والأفعال والأقوال (المقيت) معطي كل موجود ما قام به قوامه من القوت والقوة الحسية والمعنوية وخاصيته وجود القوت والقوة فالصائم إذا قرأه وكتبه على التراب وبله ثم شمه قواه على ما هو به ومن قرأه على كوز سبعاً ثم كتب عليه وكان يشرب فيه في السفر أمن وحشة السفر سيما إن أضاف إليه قراءة سورة قريش صباحاً ومساء وقد جربت لذلك وللأمن فيه (الدائم) الذي لا يقبل الفناء فلا انقضاء لديموميته قال الأقليشي: وهو وصف ذات سلبي كالباقي إلا أن في الدائم زيادة معنى وهو أن الدائم الباقي على حالة واحدة وثبوت الدوام له ضروري وما ثبت قدمه استحال عدمه وقال بعضهم: الدائم هو الذي لا انصرام لوجود ولا انقطاع لبقائه (المتعالي)
[ص 492] المرتفع في كبريائه وعظمته وعلو مجده عن كل ما يدرك أو يفهم من أوصاف خلقه وخاصيته وجود الرفعة وصلاح الحال حتى أن الحائض إذا لازمته أيام حيضها أصلح اللّه حالها (ذا الجلال والإكرام) الذي له العظمة والكبرياء والإفضال التام وخاصيته وجود العزة والكرامة وظهور الجلالة (الولي) المتولى لأمور عباده المختصين بإحسانه
[ص 493] ناحية من البيت عشراً يبدأ باليمين من جهة القبلة ويستقبلها في كل ناحية إن أمكن (العلام) البالغ في العلم لكل معلوم وخاصيته تحصيل العلم والمعرفة فمن واظبه عرف اللّه حق معرفته (العلي) المرتفع عن مدارك العقول ونهاياتها في ذاته وصفاته وأفعاله فليس كذاته ذات ولا كصفته صفة ولا كاسمه اسم ولا كفعله فعل وخاصيته الرفع من أسافل الأمور إلى أعاليها فيكتب ويعلق على الصغير فيبلغ وعلى الغريب فينجمع شمله وعلى الفقير فيجد غنى (العظيم) الذي يحتقر عند ذكر وصفه كل شيء سواه فهو العظيم على الإطلاق وخاصيته وجود العافية والبرء من المرض لمن يكثر من ذكره ولم يكن حضر أجله (الغني) الذي لا يحتاج إلى شيء في ذاته ولا في صفاته ولا أفعاله إذ لا يلحقه نقص ولا يعتريه عارض وخاصيته وجود العافية في كل شيء فمن ذكره على مرض أو بلاء في بدنه أو غيره أذهبه اللّه عنه وفيه سر الغنى ومعنى الاسم الأعظم لمن أهل له (المغني) معطي الغنى أي الكفاية لمن شاء من عبيده وخاصيته وجود الغنى فيقرأه الآيس من الخلق كل يوم ألف مرة يغنيه اللّه وإن قرأه عشر جمع كل ليلة جمعة عشرة آلاف ظهر الأثر على أثرها (المليك) مبالغة من المالك لأن فعيلاً في اللسان مصوغ للمبالغة في اسم الفاعل (المقتدر) بمعنى القادر أو أخص كما مر وخاصيته وقوع التدبير من مولاه له فمن قرأه عند انتباهه من نومه نظراً دبره اللّه فيما يريد حتى لا يحتاج إلى تدبير (الأكرم) أي الأكثر كرماً من كل كريم (الرؤوف) من الرأفة وهي أشد الرحمة فالرأفة باطن الرحمة والرحمة من أخص الأوصاف الإرادية لأن الرحمة إرادة كشف الضرر ودفع السوء بنوع عطف والرأفة بزيادة لطف ورفق وخاصيته أن من ذكره عند الغضب عشراً وصلى على النبي صلى اللّه عليه وسلم مثلها سكن غضبه وكذا من ذكر بحضرته (المدبر) لأسرار خلقه بما تحار فيه الألباب وهو اسم فاعل من دبر يدبر إذا نظر في عواقب الأمور وخاصيته وقوع التدبير من اللّه تعالى له فمن لازمه شهد أن التدبير في ترك التدبير (المالك) وهو اسم جامع لمعاني الصفات العلا وإحاطة العلم والاقتدار بحيث لا يعزب عن علمه شيء مما هو ملكه ولا يعجز عن إنفاذ ما يقتضيه حكمه ومن فسره بالخلق أخذ طرفاً من معناه وكذا من فسره بالقدرة وخاصيته صفاء القلب والتخلص عن شوائب الكدر لمن داوم ذكره (القاهر) من القهر وهو الاستيلاء على الشيء من جهة أمر ظاهره من جهة الملك والسلطان وباطنه من جهة علو المكانة وقيام الحجة ذكره الحرالي وأشار بآخره إلى قوله تعالى
[ص 494] من قلبه فكفي خوف القلب وهو أصل كل بلاء (ذو الطول) الإضافة لذلك إذ الطول اتساع الغنى والفضل يقال طال عليهم يطول إذا أفضل فلما كان يطول على عباده بطوله ويوسعهم بجزيل عطائه سمي به (ذا المعارج) أي المصاعد قال الاقليشي: والأظهر أن الإضافة ملكية أو تكون المعارج المراقي الموضوعة لعروج الملائكة ومن يعرج عليها إلى اللّه ويحتمل كونه من إضافة الصفة إلى الموصوف فتكون المعارج الدرجات العالية والأوصاف الفاضلة التي استحقها لذاته (ذا الفضل) الزيادة في العطاء (الخلاق) الكثير المخلوقات (الكفيل) المتكفل بمصالح خلقه (الجليل) من له الأمر النافذ والكلمة المسوعة ونعوت الجلال كالملك والغنى إلى هنا تم الكلام على شرح ما في هذا الخبر من الأسماء قال الحافظ ابن حجر هذا يخالف سياق الترمذي في الترتيب والزيادة والنقصان وإنما ترك العاطف بين هذه الأسماء في هذا الخبر وما قبله إشعاراً باستقلال كل من الصفات الكمالية فيها قصد من ذكره ولأن شيئاً منها لا يؤدي جميع مفهوم اسم الذات العلم وقد يذكر بالعطف للمناسبة والتصريح بالاجتماع وقد تذكر في بعض وتترك في بعض تفننا فإنه يوجب توجه الذهن أو لزيادة مناسبة وكمال علاقة.
- (ك) من حديث عبد العزيز بن الحصين عن أبي أيوب وعن هشام بن حسان جميعاً عن ابن سيرين عن أبي هريرة (وأبو الشيخ [ابن حبان]) الأصبهاني (وابن مردويه معاً في التفسير) أي تفسير القرآن (وأبو نعيم) الحافظ (في الأسماء الحسنى) أي في شرحها كلهم (عن أبي هريرة) قال الحاكم وعبد العزيز ثقة وتعقب الحافظ ابن حجر فقال بل هو متفق على ضعفه وهاه الشيخان وابن معين اهـ وفي الميزان عن البخاري ليس بالقوي عندهم وعن ابن معين ضعيف وعن مسلم ذاهب الحديث وعن ابن عدي الضعف على رواياته بين ثم ساق له مما أنكر عليه هذا الحديث.
|